من أهم العوامل التي لها أثر على صقل شخصية الفرد وبالتالي على أفراد المجتمع هي التوبة إلى الله تعالى والإنابة إليه والفرار من الذنوب والأوزار فإن الله تعالى لا تضره معصية العاصين ولا تنفعه طاعة المطيعين، ولكن الله سبحانه حذر من المعصية لما فيها من الأضرار على الفرد والمجتمع ورغّب في الأعمال الصالحة لما فيها من خير للنفس وللغير، فقد قرر القرآن بقوله: (مَن عمل صالحاً فلنفسه ومَن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد) فصلت/ 46.
وقال تعالى في نص آخر: (إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها) الإسراء/ 7.
وقال تعالى: (ومَن شكر فإنما يشكر لنفسه ومَن كفر فإن ربي غني كريم) النمل/ 40.
فالذنوب من أهم الأسباب في تمرد الانسان وشقائه وقد شدد عليها الاسلام لأنها ضارة بالفرد في صحته وعقله وعمله وضارة كذلك بالمجتمع فهي تجعله يعيش في أزمات نفسية تعرضه للقلاقل والاضطرابات والمحن وكثيراً ما تعرض القرآن الكريم في نصوصه الشريفة إلى ما يصيب الأفراد والأمم من جرّاء اكتسابهم للخطايا والأوزار، قال تعالى: (قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعاً ويذيق بعضكم بأس بعض) الأنعام/ 65.
وهذه سنّة كونية في خلق الله ولا تبديل لخلقه وهي من البديهيات لكل مَن درس تأريخ الشعوب والمجتمعات وتأمل في أسباب انهيارها لكثرة الفساد وانتشار الرذيلة فيها.
والذنوب والمعاصي عادة تؤدي إلى ظلمة القلب وإذا أظلم القلب قسا وابتعد صاحبه عن الله وأصبح مصدر شر في المجتمع وكان مصيره الخسران في الدنيا والآخرة ولا يعيد الخاطئ إلى الصف الإيماني والطريق المستقيم سوى التوبة والاستغفار ويقول النبي (ص): "إن المؤمن إذا أذنب كانت نقطة سوداء في قلبه فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه فإن زاد زادت الران الذي ذكره الله في كتابه الكريم بقوله تعالى: (كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون) المطففين/ 14".
كما إن الخطايا والذنوب تكون سبباً في حرمان مرتكبها من الرزق، يقول النبي (ص): "لا يزيدن في العمر إلا البر ولا يرد القدر إلا الدعاء وإن الرجل ليحرم الرزق بخطيئة يعملها".
وقد ذكر القرآن الكريم بأن تقوى الله وطاعته والالتزام بأوامره سبب لإدرار الرزق على الفرد والمجتمعات، قال تعالى: (ومَن يتقِ الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب) الطلاق/ 2-3.
وقال تعالى: (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض) الأعراف/ 96.
وبالتالي فإن الذنوب تؤدي إلى غضب الله وعقابه للانسان وهذا العقاب إما أن يكون بالظواهر الكونية من الفيضانات والرياح المدمرة أو الزلازل أو القحط وأما أن يكون بالحروب التي تأكل الأخضر واليابس وتؤول إلى الدمار الكلي.
وقد أطلق القرآن الكريم على المعاصي التي توجب العقاب أسماء عدة، منها: الخطيئة، الذنب، السيئة، الإفك، الفسوق، العصيان، العتو، الفساد.
وقد أشار القرآن الكريم إلى أسماء هذه المعاصي بعدة آيات، منها:
قوله تعالى: (مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا ناراً) نوح/ 25.
وقوله تعالى: (بلى مَن كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) البقرة/ 81.
وقوله تعالى: (فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرناً آخرين) الأنعام/ 119.
الشيخ مجيد الصايغ
_________________